الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فهذه طائفة من أقوال علمائنا المالكية في حكم الاحتفال بالمولد
النبوي, يعرف من خلالها لمنصف المتجرد من الهوى أن هذا الاحتفال بدعة عند المحققين
من العلماء المالكية,وأن من يستحسن هذه البدعة إنما يفعل ذالك إتباعا للهوى وإرضاء
لعامة الناس,وفي هذه النقول كذالك رد على من رمى المنكرين للبدع "بالوهابية"
فهل يقال لهؤلاء العلماء الأجلاء وهابية لأنهم أنكروا بدعة المولد؟!!
وليعلم القارئ أن المتأخرين من المالكية ألحقوا بمذهب مالك
إستحسانات ليس عليها دليل, مما لو سمعها الإمام مالك رحمه الله لتبرأ منها،كيف لا وهو
المعروف بشدة تمسكه بالسنة والأثر ونبذه لما لم يكن عليه العمل في القرون المفضلة
, فنسأل الله الهداية والثبات :
قال العلامة تاج الدين عمر بن علي اللخمي الإسكندراني المشهور
بـ: (الفاكهاني 734 هـ )
في رسالته في المولد المسماة بـ "المورد في عمل المولد":"(ص20-21)
:«لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة،
الذين هم القدوة في الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين، بل هو بِدعة أحدثها البطالون،
وشهوة نفسٍ اغتنى بها الأكالون، بدليل أنَّا إذا أدرنا عليه الأحكام الخمسة قلنا: إما
أن يكون واجباً، أو مندوباً، أو مباحاً، أو مكروهاً، أو محرماً.وهو ليس بواجب إجماعاً،
ولا مندوباً؛ لأن حقيقة الندب: ما طلبه الشرع من غير ذم على تركه، وهذا لم يأذن فيه
الشرع، ولا فعله الصحابة، ولا التابعون ولا العلماء المتدينون- فيما علمت- وهذا جوابي
عنه بين يدي الله إن عنه سئلت. ولا جائز أن يكون مباحاً؛ لأن الابتداع في الدين ليس
مباحاً بإجماع المسلمين.فلم يبق إلا أن يكون مكروهاً، أو حراماً».
ثم صور الفاكهاني نوع المولد الذي تكلم فيه بما ذكرنا بأنه:
"هو أن يعمله رجل من عين ماله لأهله وأصحابه وعياله، لا يجاوزون في ذلك الاجتماع
على أكل الطعام، ولا يقترفون شيئاً من الآثام، قال: «فهذا الذي وصفناه بأنه بدعة مكروهة
وشناعة، إذ لم يفعله أحد من متقدمي أهل الطاعة، الذين هم فقهاء الإسلام وعلماء الأنام،
سُرُجُ الأزمنة وزَيْن الأمكنة»
ومن علماء المالكية الشيخ الإمام المحقِّق أبو إسحاق الشاطبي
رحمه الله790 هـ)، قال في بعض فتاواه: «..فمعلوم أن إقامة المولد على الوصف المعهود
بين الناس بدعة محدثة وكل بدعة ضلالة, فالإنفاق على إقامة البدعة لا يجوز والوصية به
غير نافذة بل يجب على القاضي فسخه …» (فتاوى الشاطبي203ـ
204)
قال العلامة ابن الحاج المالكي - رحمه الله - في "المدخل"
(2/312) :
«فإن خلا - أي عمل المولد- منه - أي من السماع - وعمل طعاماً
فقط، ونوى به المولد ودعا إليه الاخوان ,وسلم من كل ما تقدم ذكره - أي من المفاسد-
فهو بدعة بنفس نيته فقط، إذ أن ذلك زيادة في الدين ليس من عمل السلف الماضين، وإتباع
السلف أولى بل أوجب من أن يزيد نية مخالفة لما كانوا عليه، لأنهم أشد الناس إتباعا
لسنة رسول الله r، وتعظيماً
له ولسنته صلى الله عليه وسلم ، ولهم قدم السبق في المبادرة إلى ذلك، ولم ينقل عن أحد
منهم أنه نوى المولد، ونحن لهم تبع، فيسعنا ما وسعهم… الخ».
وقال كذالك : «وبعضهم- أي المشتغلين بعمل المولد- يتورع عن
هذا- أي سماع الغناء وتوابعه- بقراءة البخاري وغيره عوضاً عن ذلك، هذا وإن كانت قراءة
الحديث في نفسها من أكبر القرب والعبادات وفيها البركة العظيمة والخير الكثير، لكن
إذا فعل ذلك بشرطه اللائق به على الوجه الشرعي لا بنية المولد، ألا ترى أن الصلاة من
أعظم القرب إلى الله تعالى، ومع ذلك فلو فعلها إنسان في غير الوقت المشروع لها لكان
مذموماً مخالفاً، فإذا كانت الصلاة بهذه المثابة فما بالك بغيرها»
ومن علماء المالكية المتأخِّرين بمصر الشيخ المفتي محمَّد
عليش المالكي، من علماء الأزهر وكبار فقهاء المالكية في زمانه من نحو قرن، قال في كتابه
فتح العلي المالك:
«عمل المولد ليس مندوبًا، خصوصًا إن اشتمل على مكروه، كقراءة
بتلحين أو غناء، ولا يسلم في هذه الأزمان من ذلك وما هو أشدّ».
ومن علماء المالكية المعتمدين في مغربنا الشيخ البناني، فذكر
أنَّ من أنواع الوصيَّة بالمعصية إقامة المولد على الوجه الذي كان يقع عليه في زمانه
كاختلاط الرجال بالنساء وغير ذلك من المحرَّمات، فماذا لو رأى زماننا؟! وعبارته :
" أَوْ يُوصِيَ بِإِقَامَةِ مَوْلِدٍ عَلَى الْوَجْهِ
الَّذِي يَقَعُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ مِنْ اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ
وَالنَّظَرِ لِلْمُحَرَّمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمُنْكَرِ" أنظر. حاشية الدسوقي
على الشرح الكبير - (ج 19 / ص 390)
ومن علماء المالكيَّة الإمام العلامة الأستاذ أبو عبد الله
الحفَّار قال :
«وليلة المولد لم يكن السلف الصالح وهم أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم والتابعون لهم يجتمعون فيها للعبادة, ولا يفعلون فيها زيادة على سائر
ليالي السنة ,لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعظم إلا بالوجه شرع فيه تعظيمه,وتعظيمه
من أعظم القرب إلى الله ,لكن يتقرب إلى الله جل جلاله بما شرع، والدليل على أن السلف
الصالح لم يكونوا يزيدون فيها زيادة على سائر الليالي أنهم اختلفوا فيها ,فقيل إنه
صلى الله عليه وسلم ولد في رمضان وقيل في ربيع, واختلف في أي يوم ولد فيه على أربعة
أقوال, فلو كانت تلك الليلة التي ولد في صبيحتها تحدث فيها عبادة بولادة خير الخلق
صلى الله عليه وسلم, لكانت معلومة مشهورة لايقع فيها اختلاف ولكن لم تشرع زيادة تعظيم
… ولو فتح هذا الباب لجاء قوم فقالوا يوم هجرته إلى المدينة
يوم أعز الله فيه الإسلام فيجتمع فيه ويتعبد, ويقول آخرون الليلة التي أسري به فيها
حصل له من الشرف ما لايقدر قدره,فتحدث فيها عبادة,فلا يقف ذلك عند حد, والخير كله في
إتباع السلف الصالح الذين اختارهم الله له,فما فعلوا فعلناه وما تركوا تركناه, فإذا
تقرر هذا ظهر أن الاجتماع في تلك الليلة ليس بمطلوب شرعا , بل يؤمر بتركه." المعيار
المعرب للونشريسي "7/ 99ـ 100" ط " دار الغرب الإسلامي"
الشيخ محمد البشير الإبراهيمي قال رحمه الله :
« الحب الصحيح لمحمد صلى الله عليه وسلم هو الذي يدع صاحبه
عن البدع’ ويحمله على الإقتداء الصحيح, كما كان السلف يحبونه, فيحبون
سنته, ويذودون عن شريعته ودينه ,من غير أن يقيموا له الموالد وينفقوا منها الأموال
الطائلة التي تفتقر المصالح العامة إلى القليل منها فلا تجده" ( آثار البشير الإبراهيمي
2/341)
أقوال بعض أهل العلم في المولد :
لقد أفتى علماء العالم الإسلامي على اختلاف أماكنهم وأزمانهم
ومذاهبهم الفقهية بحرمة عمل المولد وأنه من البدع المحدثة التي لاأصل لها وإليك بعضهم:
• شيخ الإسلام ابن تيمية وهو من علماء الشام ومن
المجتهدين.(انظر اقتضاء الصراط المستقيم (2/619 )، ومجموع الفتاوى( 1/312 ) .
• العلامة الشيخ تاج الدين عمر بن علي اللخمي
السكندري المشهور بالفاكهاني له رسالة بعنوان (المورد في الكلام على عمل المولد). وهو
عالم مالكي المذهب ت بالاسكندرية سنة 734هـ.
• الاستاذ ابو عبد الله محمد الحفار له فتاوى
ذكرها الونشريسي في المعيار المعرب.وهو من علماء المغرب.
• العلامة ابن الحاج ابو عبد ال محمدبن محمد بن
محمد العبدري الفاسي المالكي ت بالقاهرة (732هـ)له كلام نفيس في المدخل بداية الجزالثاني
• الشيخ العلامة الشيخ محمد بخيت المطيعي الحنفي
مفتي الديار المصرية.
• الشيخ على محفوظ في كتابه الإبداع في مضار الابتداع
.
• الإمام الشاطبي وله كلام نفيس في فتوى له في
كتاب طبع باسم فتاوى الإمام الشاطبي وهو عالم مالكي أندلسي.
• الشيخ رشيد رضا في أكثر من موضع من مصنفاته
كما في المنار (9/96)، (2/74-76) (17/111) (29/ 664-668).وفتاواه (الجزء الخامس في
الصفحة 2112-2115) و(الجزء الرابع في الصفحة 1242-1243).
• الشيخ أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
وهو من علماء الهند ( أنظر رسالة الشيخ حمود التويجري ص235 ط. العاصمة ضمن المجموع
في الرسائل الخاصة ببدعة المولد ).
• الشيخ بشير الدين القنوجي وهو من علماء الهند
وهو شيخ أبي الطيب
• الشيخ محمد بن عبد السلام خضر الشقيري في كتابه
السنن والمبتدعات .
• العلامة الشيخ محمد بن ابراهيم له رسالة في
إنكار عمل المولد وانظر مجموع فتاواه (3/48-95) فقد اشتملت على عدد من الفتاوى المتنوعة
حول المولد .
• العلامة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد في
رسالته هداية الناسك إلى أهم المناسك .
• العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز له رسالة في
حكم الاحتفال بالمولد النبوي .
• العلامة الشيخ حمود بن عبد الله التويجري في
رسالة بعنوان ( الرد القوي على الرفاعي والمجهول وابن علوي وبيان أخطائهم في المولد
النبوي).
• الشيخ العلامة إسماعيل الأنصاري له رسالة وهي
من أجود مارأيت بعنوان القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل.
• العلامة الشيخ محمد الصالح العثيمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق