السبت، 2 فبراير 2013

الانتصار لما قرره بن خزيمة في كفر من لم يثبت العلو للواحد القهار (الله في كل مكان)



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولاعدوان إلا على الظالمين
والصلاة والسلام على من هو مبعوث رحمة للعالمين النبي الأمين أما بعد

فاعلم ياعبدالله أن السلف قد أجمعوا على علو الله على خلقه أجمعين علوا ذاتيا وعلوا صفاتيا وعلوا قهريا
فمن أثبت علو صفاته وقهره وجحد علو ذاته وقال هو في كل مكان وليس بفوق فقد كفر بما أنزل على محمد واستحق أن تضرب عنقه
قال بن خزيمه من قال أن الله في كل مكان يستحق أن تضرب عنقه ويدفن خارج مقابر المسلمين حتى لايتأذى المسلمون بريح نتنه
وصد ق فقد نقل أحد عشر عالم الإجماع على علو الله على خلقه
وقد ثبت بالسنة والكتاب والفطرة والعقل علو الله على خلقه فلاوجه لتكذيبه والتشكيك فيه بالأوجه الباطلة أو بالشبه الفاسدة والتأويلات الضالة
أما الكتاب فقد قال تعالى ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور
فلم يقل من في كل مكان
ومن في السماء هنا بمعنا على فحروف الجر ينوب بعضها عن بعض بالقرينة
كقوله ولاتمشي في الأرض مرحا أي على الأرض والقرينة أن المشي يكون على الأرض لافي باطنها
وكقوله ولأصلبنكم في جذوع النخل
فمن في السماء أي على السماء بدليل أن العرش فوق السموات وقد قال تعالى الرحمن على العرش استوى
فليس في بمعنى المداخلة بل بمعنى على
وكذلك الدليل على علوه سبحانه قوله تعالى عن ملائكته يخافون ربهم من فوقهم
وهذا نص في العلو فقال من فوقهم
ولم يقل من كل مكان حولهم
وقال إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه
فصعود الكلم الطيب لايكون إلا لمن كان فوق
وقوله ألم تنزيل الكتاب لاريب فيه من رب العالمين
والتنزيل لايكون إلا لمن كان فوق خلقه لاإله إلا هو سبحانه عما يصفون
وقوله تعالى سبح اسم ربك الأعلى
فهو العالي في ذاته وصفاته وقهره

ومن السنة مارواه مسلم في صحيه عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَقُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْتُ وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي قَالَ إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ وَإِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ قَالَ فَلَا تَأْتِهِمْ قَالَ وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ قَالَ ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ فَلَا يَصُدَّنَّهُمْ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاحِ فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ قَالَ قُلْتُ وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ قَالَ كَانَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ

الشاهد

قَالَ وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُعْتِقُهَا قَالَ ائْتِنِي بِهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا

فَقَالَ لَهَا أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ قَالَ مَنْ أَنَا قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ

وأي حجة في البيان البرهان أوضح من هذه في على الرحمن
ومع ذلك قال لي بعض صوفية الشام إن هذه الجارية لما كانت جاهلة عاملها النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم على قدر عقلها
فقلت سبحانك هذا بهتان عظيم إن النبي صلى الله عليه وسلم أمين وهو يعلم أن الأمة ستنقل عنه
ولايجوز له تأخير البيان عن وقت الحاجة أيجيز لنفسه كتم العلم ووقوع الجارية في التقصير في الجواب ولايعلمها مايكون به العقيدة الباطلة للأمة المضادة لكلام الله
قال تعالى ياأيها النبي بلغ ماأنزل أليك من ربك فإن لم تفعل فمابلغت رسالته
وقد علم القائل ماشاء الله وشئت يامحمد فأنكر عليه وهو شرك أصغر أفلا يعلم مامن شأنه الوقوع في الكفر الأكبر لوتكلم به المتكلم
ولقد غرز في الفطر علو الله على خلقه
حتى أنك تسأل الطفل الصغير أين الله فيشير إلى السماء
والعقل يقتضي أنه منزه عن مخالطة ماينفي تنزيهه كالحشوش والكلاب والخنازير تعالى الله عمايقولون علوا كبيرا
قال لي حلولي في جدة من السودان ولكن الله قال وهو الذي في السماء إله في الأرض
فقلت هذا كما قال المفسرون إله يعبده أهل الأرض وإله يعبده أهل السماء من الملائكة
كقولهم فلان أمير في صنعاء أمير في اليمن
وقوله هو معكم أينما كنتم أي بعلمه
والله قال عن نفسه ليس كمثله شيء ولاأحد ألم بالله من نفسه ولن تجد أصدق من الله قيلا فقال ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ولم يقل من في كل مكان
ولو قنا أنه في كل مكان للزم مخالطته للحش والخنزير وفساد اللازم يؤدي إلى فساد الملزوم كما قرر شيخ الاسلام في الحموية
قال علي كما في سنن أبي داود لو كان الدين بالرأي لكان المسح على الباطن أو لى من الظاهر (في المسح على الخفين )
وحيث أنه قد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم المسح على ظاهر الخف ألغينا العقل وأثبتنا النقل
فإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل
فلايقاس الله بخلقه فيقال لو قلنا هو فوق للزم كذا وكذا وأن ألأرض كروية 00ألخ
فقد قال الله سبحانه عن نفسه ليس كمثله شيء وهو السميع العليم
فإن النقل يقدم على العقل ويتهم العقل بالقصور لأن النقل عن الكتاب والسنة معصوم وإنهم لايحيطون به علما إلا على وفق ماصف نفسه ووصفه رسوله صلى الله عليه وسلم
ولقد خالف عقيدة أهل السنة والجماعة أهل الحديث الطائفة المنصورة الفرقة الناجية الجهمية والمعتزلة والأشاعرة قال ابن المبارك الله مستو على عرشه بائن من خلقه ولانقول كما تقول الجهمية هو هنا وهنا
فلايثبتون من صفات الله إلا بمادل عليه العقل ولو كانت عقولهم سليمة لما خالف العقل السليم النقل ولكن الهوى يصد عن الحق كما يروى عن علي رضي الله عنه
حتى وصل الأمر بغلاة الجهمية والفلاسفة أنهم قالوا الله ليس فوق ولاتحت ولايمين ولاشمال ولافوق
فهل يمكن وصف العدم بأبلغ من هذا
وظنوا أن لازم اثبات الصفات كالعو والاستواء مشابهة المخلوقات
كلا إن الاتفاق في الاسماء كالوجه لايلزم منه اتفاق المسميات
فالكلب له وجه وابن آدم له وجه ولايلزم أن يكون وجه هذا كهذا
فاذا قلتم له وجود ليس كوجودنا فقولوا له صفات ليست كصفاتنا
فالكلام في الصفات كالكلام في الذات
قال أبوحنيفة كما نقل عنه الذهبي في كتاب العلو للعلي الغفار من قال أن الله في كل مكان فقد كفر

ولقد رأيت جمهور حجاج المغر ب يقولون في كل مكان أخذا عن شيوخ البدع والضلال
فلابد من نشر هذه الورقة نصيحة لأهل الاسلام حتى لايقع الزيغ والكفر والضلال في عقيدة أهل السنة في علو الرحمن والله المستعان




ماهر بن ظافر القحطاني
المشرف العام على مجلة معرفة السنن والآثار
maher.alqahtany@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق