الأحد، 13 نوفمبر 2011

13 شبهة للقبوريين والجواب عليها


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

اعلم رحمني الله وإياك أن الطريق إلى الله لابد له من أعداء قاعدين له، أهل فصاحةٍ وعلمٍ وحجج.


فالواجب علينا أن نتعلم من دين الله ما يصير لنا سلاحاً نقاتل به هؤلاء الشياطين الذين قال إمامهم ومقدمهم لربك عز وجل: ((لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)) [سورة الأعراف:16-17].
واعلم أن جند الله هم الغالبون بالحجة واللسان، كما أنهم الغالبون بالسيف والسنان، وإنما الخوف على الموحد الذي يسلك الطريق وليس معه سلاح.
وقد من الله تعالى علينا بكتابه الذي جعله: ((تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)) [سورة النحل:89].
فلا يأتي صاحب باطل بحجة إلا وفي القرآن ما ينقضها ويبين بطلانها، كما قال تعالى: ((وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً)) [سورة الفرقان:33].
ومن أهل الباطل هم أهل البدع والضلال من القبوريين الذين تركوا إخلاص الدين لله، وأشركوا مع الله غيره من الأنبياء والأولياء، ولهؤلاء شبهٌ كثيرة، وللإجابة على شبههم طريقين: المجمل، والمفصل.
الجواب المجمل:
قال الله تعالى: ((هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ)) [سورة آل عمران:7].
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم)).
فحذرنا نبينا صلى الله عليه وسلم من الذي يتبع المتشابه من القرآن أو من السنة وصار يلبس به على باطله فهؤلاء الذين سماهم الله ووصفهم بقوله: ((فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ)).
وكان سبب تحذير النبي صلى الله عليه وسلم هو الخشية من أن يضلونا عن سبيل الله باتباع هذا المتشابه، فحذرنا من سلوك طريقهم، وحذرنا منهم .

الجواب المفصل:

الشبهة الأولى :
قولهم: نحن لا نشرك بالله، ونشهد أنه لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضر إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، ولكننا مذنبون، والصالحون لهم جاه عند الله، ونطلب من الله بهم.
جواب الشبهة الأولى :
اعلم أن الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم واستباح دماءهم ونساءهم مقرون بذلك، ومقرون بأن أوثانهم لا تدبر شيئاً، وإنما أرادوا الجاه والشفاعة، ولم يغنهم هذا التوحيد شيئاً.
وقد ذكر الله عز وجل في محكم كتابه: ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ)) [سورة الأنبياء:25].
وقال تعالى: ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ)) [سورة الذاريات:56].
وقال تعالى: ((شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)) [سورة آل عمران:18].
وقال تعالى: ((وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ)) [البقرة:163].
وقال تعالى: ((فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ)) [سورة العنكبوت:56] إلى غيرها من الآيات الكثيرة الدالة على وجوب توحيد الله عز وجل في عبادته، وأن لا يعبد أحد سواه.

الشبهة الثانية :
قوله: أن الآيات التي ذكرتها نزلت فيمن يعبد الأصنام، وهؤلاء الأولياء ليسوا بأصنام.
جواب الشبهة الثانية :
اعلم أن كل من عبد غير الله فقد جعل معبوده وثناً فأي فرق بين من عبد الأصنام وعبد الأنبياء والأولياء؟!
فالكفار منهم من يدعو الأصنام لطلب الشفاعة، ومنهم من يعبد الأولياء والدليل على أنهم يدعون الأولياء قوله تعالى: ((أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ)) [سورة الإسراء: 57]، وكذلك يعبدون الأنبياء كعبادة النصارى المسيح ابن مريم والدليل قوله تعالى: ((وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ)) [سورة المائدة:116]، وكذلك يعبدون الملائكة كقوله تعالى: ((وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ)) [سورة السبأ:40].
فبهذا تبين تلبيسهم بكون المشركين يعبدون الأصنام وهم يدعون الأولياء والصالحين من وجهين:
الوجه الأول: أنه لا صحة لتلبيسهم لأن أولئك المشركين من يعبد الأولياء والصالحين.
الوجه الثاني: لو قدرنا أن أولئك المشركين لا يعبدون إلا الأصنام فلا فرق بينهم وبين المشركين لأن الكل عبد من لا يغني عنه شيئاً.
وبهذا عرفنا أن الله كفر من قصد الأصنام، وكفر أيضاً من قصد الصالحين وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا الشرك ولم ينفعهم أن كان المعبودون من أولياء الله وأنبيائه.

الشبهة الثالثة :
قولهم: الكفار يريدون من الأصنام أن ينفعوهم أو يضرهم، ونحن لا نريد إلا من الله والصالحون ليس لهم من الأمر شيء، ونحن لا اعتقد فيهم ولكن نتقرب بهم إلى الله عز وجل ليكونوا شفعاء.
جواب الشبهة الثالثة:
اعلم أن هذا قول الكفار سواءً بسواء حيث قال تعالى: ((وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)) [سورة الزمر:3] وقوله تعالى: ((هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ)) [سورة يونس:18].

الشبهة الرابعة :
قولهم: نحن لا نعبد إلا الله، وهذا الالتجاء إلى الصالحين ودعاؤهم ليس بعبادة.
جواب الشبهة الرابعة :
اعلم إن الله فرض عليك إخلاص العبادة له وهو حقه على الناس، حيث قال تعالى: ((ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)) [سورة الأعراف:55].
والدعاء عبادة، وإذا كان عبادة فإن دعاء غير الله شركٌ بالله عز وجل والذي يستحق أن يدعى ويعبد ويرجى هو الله وحده لا شريك له.
فإذا علمنا أن الدعاء عبادة، ودعونا الله ليلاً ونهاراً، خوفاً وطمعاً، ثم دعونا في تلك الحاجة نبيناً أو غيره فقد أشركنا في عبادة الله غيره.
وقال تعالى: ((فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)) [سورة الكوثر:2] فإذا أطعنا الله ونحرنا له، فهذه عبادة لله، فإذا نحرنا لمخلوق نبي، أو جني أو غيرهما فقد أشركنا في العبادة غير الله.
والمشركون الذين نزل فيهم القرآن، كانوا يعبدون الملائكة والصالحين واللات، وما كانت عبادتهم إياهم إلا في الدعاء والذبح والالتجاء ونحو ذلك، وهم مقرون أنهم عبيد لله وتحت قهره، وأن الله هو الذي يدبر الأمر، ولكن دعوهم والتجأوا إليهم للجاه والشفاعة وهذا ظاهر جداً.

الشبهة الخامسة :
قولهم لأهل التوحيد: أنتم تنكرون شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
جواب الشبهة الخامسة :
اعلم بأننا لا ننكر شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا نتبرأ منها، بل هو صلى الله عليه وسلم ، الشافع المشفع وأرجو شفاعته، ولكن الشفاعة كلها لله، كما قال تعالى: ((قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً)) [سورة الزمر:44].
ولا تكون إلا من بعد إذن الله كما قال عز وجل: ((مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)) [سورة البقرة:255] ولا يشفع إلا من بعد أن يأذن الله فيه كما قال عز وجل: ((وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى)) [سورة الأنبياء:28].
والله لا يرضى إلا التوحيد كما قال عز وجل: ((يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ)) [سورة آل عمران:85].
فإذا كانت الشفاعة كلها لله، ولا تكون إلا من بعد إذنه، ولا يشفع النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره في أحد حتى يأذن الله فيه، ولا يأذن إلا لأهل التوحيد، فاطلب الشفاعة من الله، فقل: اللهم لا تحرمني شفاعته، اللهم شفعه في، وأمثال هذا.

الشبهة السادسة :
قولهم: أن الله أعطى النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة، ونحن نطلبه مما أعطاه الله.
جواب الشبهة السادسة :
اعلم أن الله أعطى النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة ونهانا عن هذا فقال: ((فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً)) [سورة الجن:18].
واعلم أن الله سبحانه وتعالى أعطى النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة ولكنه صلى الله عليه وسلم لا يشفع إلا بإذن الله، ولا يشفع إلا لمن ارتضاه الله، ومن كان مشركاً فإن الله لا يرتضيه فلا يأذن أن يشفع له كما قال تعالى: ((وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى)) [سورة الأنبياء:28].
واعلم أن الله تعالى أعطى الشفاعة غير النبي صلى الله عليه وسلم، فالملائكة يشفعون، والأفراط يشفعون، والأولياء يشفعون.
فهل نطلب الشفاعة من هؤلاء؟
فإن كنت تريد من الرسول صلى الله عليه وسلم الشفاعة فقل: ((اللهم شفع فيَّ نبيك محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم)).
وكيف تريد شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت تدعوه صلى الله عليه وسلم مباشرة، ودعاء غير الله شرك أكبر مخرج من الملة.

الشبهة السابعة :
قولهم: نحن لا نشرك بالله شيئاً ولكن الالتجاء إلى الصالحين ليس بشرك.
جواب الشبهة السابعة :
اعلم أن الله حرم الشرك أعظم من تحريم الزنا، وأن الله لا يغفره، فما هو الشرك؟
فإنهم لا يدرون ما هو الشرك ما دام أن طلب الشفاعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بشرك، وهذا دليل على أنهم لا يعرفون الشرك الذي عظمه الله تعالى وقال فيه: ((إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)) [سورة لقمان:13].
فكيف تبرؤون أنفسكم من الشرك بلجوئكم إلى الصالحين، وأنتم لا تعرفونه، والحكم على الشيء بعد تصوره، فحكمكم ببراءة أنفسكم من الشرك وأنتم لا تعلمونه حكم بلا علم، فيكون مردوداً.
ولماذا لا تسألون عن الشرك الذي حرمه الله تعالى أعظم من تحريم قتل النفس والزنا وأوجب لفاعله النار وحرم عليه الجنة، أتظنون أن الله حرمه على عباده ولم يبينه لهم حاشاه من ذلك.

الشبهة الثامنة :
قولهم: الشرك عبادة الأصنام ونحن لا نعبد الأصنام.
جواب الشبهة الثامنة :
اعلم أن عباد الأصنام لا يعتقدون أنها تخلق وترزق وتدبر أمر من دعاها، وإن القرآن يكذب من قال أنهم كانوا يعتقدون غير ذلك.
وأن عبادة الأصنام هو من قصد خشبة، أو حجراً، أو بنية على قبر أو غيره، يدعون ذلك ويذبحون له ويقولون إنه يقربنا إلى الله زلفى ويدفع الله عنا ببركته أو يعطينا.
وأن فعلكم عند الأحجار والأبنية التي على القبور وغيرها هو نفس فعلهم، وبهذا يكون فعلكم هو عبادة الأصنام.
وقولكم: الشرك عبادة الأصنام، هل هذا يعني أن الشرك مخصوص بهذا، وأن الاعتماد على الصالحين ودعاءهم لا يدخل في ذلك؟
فهذا يرده ما ذكر الله في كتابه من كفر من تعلق على الملائكة أو عيسى أو الصالحين.

الشبهة التاسعة :
قولهم: إن الذين نزل فيهم القرآن لا يشهدون أن لا إله إلا الله، ويكذبون الرسول صلى الله عليه وسلم، وينكرون البعث، ويكذبون القرآن ويجعلونه سحراً، ونحن نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ونصدق القرآن، ونؤمن بالبعث، ونصلي ونصوم، فكيف تجعلوننا مثل أولئك؟
جواب الشبهة التاسعة :
اعلم أن العلماء أجمعوا على أن من كفر ببعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وكذب به، فهو كمن كذب بالجميع وكفر به، ومن كفر بنبي من الأنبياء فهو كمن كفر بجميع الأنبياء لقوله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً)) [سورة النساء: 150-151] وقوله تعالى في بني إسرائيل: ((أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ)) [سورة البقرة:85].
فمن أقر بالتوحيد وأنكر وجوب الصلاة فهو كافر، ومن أقر بالتوحيد والصلاة وجحد وجوب الزكاة فإنه يكون كافراً، ومن أقر بوجوب ما سبق وجحد وجوب الصوم فإنه يكون كافراً، ومن أقر بذلك كله وجحد وجوب الحج فإنه كافر والدليل على ذلك قوله تعالى: ((وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ – يعني من كفر بكون الحج واجباً أوجبه الله على عباده – فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)) [سورة آل عمران:97].
ومن أقر بهذا كله، ولكنه كذب بالبعث فإنه كافر بالإجماع لقول الله تعالى: ((زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)) [سورة التغابن:7].
فإذا أقررت بهذا فاعلم أن التوحيد هو أعظم فريضة جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم وهو أعظم من الصلاة، والزكاة، والصوم والحج، فكيف إذا جحد الإنسان شيئاً من هذا الأمور كفر ولو عمل بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وإذا جحد التوحيد الذي هو دين الرسل كلهم لا يكفر؟
سبحان الله، ما أعجب هذا الجهل!
فمنكر التوحيد أشد كفراً وأبين وأظهر.
وها هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلوا بني حنيفة وقد أسلموا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم ويؤذنون ويصلون وهم إنما رفعوا رجلاً إلى مرتبة النبي، فكيف بمن رفع مخلوقاً إلى مرتبة جبار السماوات والأرض؟
أفلا يكون أحق بالكفر ممن رفع مخلوقاً إلى منزلة مخلوق آخر؟!
وها هم الذين حرقهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالنار كلهم يدعون الإسلام وهم من أصحاب علي رضي الله عنه وتعلموا العلم من الصحابة ولكن اعتقدوا في علي مثل الاعتقاد في يوسف وشمسان وأمثالهما.
فكيف أجمع الصحابة على قتلهم وكفرهم؟
أتظنون أن الصحابة يكفرون المسلمين؟ أم تظنون أن الاعتقاد في الحسين والبدوي وأمثاله لا يضر والاعتقاد في علي بن أبي طالب رضي الله عنه يكفر؟
وقد أجمع العلماء على كفر بني عبيد القداح الذين ملكوا المغرب ومصر وكانوا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويصلون الجمعة والجماعات ويدعون أنهم مسلمين، ولكن ذلك لم يمنعهم من حكم المسلمين عليهم بالردة حين أظهروا مخالفة المسلمين في أشياء دون التوحيد حتى قاتلوهم واستنفذوا ما بأيديهم من بلدان المسلمين.
وإذا كان الأولون لم يكفروا إلا حين جمعوا جميع أنواع الكفر من الشرك والتكذيب والاستكبار فما معنى ذكر أنواع من الكفر في (باب حكم المرتد).
كل نوع منها يكفر حتى ذكروا أشياء يسيرة عند من فعلها مثل كلمة يذكرها بلسانه دون قلبه، أو كلمة يذكرها على وجه المزح واللعب، فلولا أن الكفر يحصل بفعل نوع منه وإن كان الفاعل مستقيماً في جانب آخر لم يكن لذكر الأنواع فائدة.
وأن الله تعالى حكم بكفر المنافقين الذين قالوا كلمة الكفر مع أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يصلون ويزكون ويحجون ويجاهدون ويوحدون، فقال الله تعالى فيهم: ((يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ)) [سورة التوبة:74].
وأن الله تعالى حكم بكفر المنافقين الذين قالوا كلمة ذكروا أنهم قالوها على وجه المزح، فقال الله تعالى فيهم: ((قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)) [سورة التوبة: 96].
ومن الدليل على أن الإنسان قد يقول أو يفعل ما هو كفر من حيث لا يشعر قول بني إسرائيل مع إسلامهم وعلمهم وصلاحهم لموسى عليه الصلاة والسلام: ((اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ)) وقول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: "اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط" فقال: "الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ((اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)) [سورة الأعراف: 138] لتركبن سنن من كان قبلكم".
وهذا يدل على أن موسى ومحمداً عليهما الصلاة والسلام قد أنكروا ذلك غاية الإنكار.

الشبهة العاشرة :
قولهم: في قول بني إسرائيل لموسى ((اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ)) وقول بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم: "اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط" إن الصحابة وبني إسرائيل لم يكفروا.
جواب الشبهة العاشرة :
أن الصحابة وبني إسرائيل لم يفعلوا ذلك حين لقوا من الرسولين الكريمين إنكار ذلك، ولا خلاف أن بني إسرائيل لو فعلوا ذلك لكفروا، وكذلك لا خلاف في أن الذين نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم لو لم يطيعوه واتخذوا ذات أنواط بعد نهيه لكفروا.

الشبهة الحادية عشر :
قولهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على أسامة قتل من قال: "لا إله إلا الله"، وكذلك قوله: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله "، وأحاديث أخرى في الكف عمن قالها.
جواب الشبهة الحادية عشر :
أن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل اليهود وسباهم وهم يقولون لا إله إلا الله.
وأن الصحابة قاتلوا بني حنيفة وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويصلون ويدعون أنهم مسلمون.
وأن الذين حرقهم علي بن أبي طالب كانوا يشهدون أن لا إله إلا الله.
وأن من أنكر البعث كفر وقتل ولو قال لا إله إلا الله، وأن من جحد شيئاً من أركان الإسلام كفر وقتل، ولو قالها.
فكيف لا تنفعه إذا جحد فرعاً من الفروع، وتنفعه إذا جحد التوحيد الذي هو أصل دين الرسل ورأسه؟
وأما حديث أسامة الذي قتل فيه من قال لا إله إلا الله حين لحقه أسامة ليقتله وكان مشركاً، فقال: لا إله إلا الله، فقتله أسامة لظنه أنه لم يكن مخلصاً في قوله وإنما قاله تخلصاً فليس فيه دليل على أن كل من قال: لا إله إلا الله فهو مسلم معصوم الدم، ولكن فيه دليل على أنه يجب الكف عمن قال: لا إله إلا الله، ثم بعد ذلك ينظر في حاله حتى يتبين، والدليل قول الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ)) [سورة النساء:94] أي فتثبتوا، وهذا يدل على أنه إذا تبين أن الأمر كان خلاف ما كان عليه فإنه يجب أن يعامل بما يتبين من حاله، فإذا بان منه ما يخالف الإسلام قتل ولو كان لا يقتل مطلقاً إذا قالها لم يكن فائدة للأمر بالتثبت.
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " فإن معنى الحديث أن من أظهر الإسلام وجب الكف عنه حتى يتبين أمره، لقوله تعالى: ((فَتَبَيَّنُواْ)) لأن الأمر بالتبين يحتاج إليه إذا كان في شك من ذلك، أما لو قال: لا إله إلا الله بمجرده عاصماً من القتل فإنه لا حاجة إلى التبين.
واعلم أن الذي قال لأسامة: "أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله"، وقال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله…" هو الذي أمر بقتال الخوارج وقال: "أينما لقيتموهم فاقتلوهم" مع أن الخوارج يصلون ويذكرون الله ويقرؤون القرآن، وهم قد تعلموا من الصحابة رضي الله عنهم ومع ذلك لم ينفعهم ذلك شيئاً، لأن الإيمان لم يصل إلى قلوبهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه لا يجاوز حناجرهم".

الشبهة الثانية عشر:
قولهم: أن الناس يوم القيامة يستغيثون بآدم، ثم بنوح، ثم إبراهيم، ثم بموسى، ثم بعيسى فكلهم يعتذر حتى ينتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا يدل على أن الاستغاثة بغير الله ليست شركاً.
جواب الشبهة الثانية عشر :
اعلم بأن الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه لا ننكرها، كما قال الله تعالى في قصة موسى: ((فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ)) [سورة القصص:15].
وأن الناس لم يستغيثوا بهؤلاء الأنبياء الكرام ليزيلوا عنهم الشدة، ولكنهم يستشفعون بهم عند الله عز وجل ليزيل هذه الشدة، وهناك فرق بين من يستغيث بالمخلوق ليكشف عنه الضرر والسوء، ومن يستشفع بالمخلوق إلى الله ليزيل الله عنه ذلك، وهذا أمر جائز كما أن الصحابة رضي الله عنهم يسألون النبي صلى الله عليه وسلم في حياته أن يدعو الله لهم، وأما بعد موته فحاشا وكلا أنهم سألوه ذلك عند قبره، بل أنكر السلف الصالح على من قصد دعاء الله عند قبره فكيف بدعائه نفسه؟
ولا بأس أن تأتي لرجل صالح تعرفه وتعرف صلاحه فتسأله أن يدعو الله لك، وهذا حق إلا أنه لا ينبغي للإنسان أن يتخذ ذلك ديدناً له كلما رأى رجلاً صالحاً قال ادع الله لي، فإن هذا ليس من عادة السلف رضي الله عنهم، وفيه إتكال على دعاء الغير، ومن المعلوم أن الإنسان إذا دعا ربه بنفسه كان خيراً له لأنه يفعل عبادة يتقرب بها إلى الله عز وجل.

الشبهة الثالثة عشر:
قولهم: أن في قصة إبراهيم عليه السلام لما ألقي في النار اعترض له جبريل في الهواء فقال: ألك حاجة؟ فقال إبراهيم: أما إليك فلا، دليل على أنه لو كانت الاستغاثة بجبريل شركاً لم يعرضها على إبراهيم؟
جواب الشبهة الثالثة عشر:
اعلم أن جبريل إنما عرض عليه أمراً ممكناً يمكن أن يقوم به فلو أذن الله لجبريل لأنقذ إبراهيم بما أعطاه الله تعالى من القوة فإن جبريل كما وصفه الله تعالى: ((شَدِيدُ الْقُوَى)) [سورة النجم:5] فلو أمره الله أن يأخذ نار إبراهيم وما حولها ويلقيها في المشرق أو المغرب لفعل ولو أمره أن يحمل إبراهيم إلى مكان بعيد عنهم لفعل ولو أمره أن يرفعه إلى السماء لفعل.
وهذا يشبه لو أن رجلاً غنياً أتي إلى فقير فقال هل لك حاجة في المال؟ من قرض أو هبة أو غير ذلك؟ فإنما هذا مما يقدر عليه، ولا يعد هذا شركاً لو قال نعم لي حاجة أقرضني، أو هبني لم يكن مشركاً.
الخاتمة
وبعد أن عرفنا الجواب على هذه الشبهة، فإنه لابد أن يكون الإنسان موحداً بقلبه وقوله وعمله، فإن كان موحداً بقلبه ولكنه لم يوحد بقوله أو بعمله فإنه غير صادق في دعواه، لأن توحيد القلب يتبعه توحيد القول والعمل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب".
فإذا وحد الله كما زعم بقلبه ولكنه لم يوحده بقوله أو فعله فإنه من جنس فرعون الذي كان مستيقناً بالحق عالماً به لكنه أصر وعاند وبقي على ما كان عليه من دعوى الربوبية، قال تعالى: ((وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً)) [سورة النمل:14] وقال تعالى عن موسى أنه قال لفرعون: ((لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَـؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ)) [سورة الإسراء:102].
ولا يعذر من عرف الحق، ولكن لم يفعله خشية مخالفة أهل بلده ونحو ذلك من الأعذار، وهذا العذر لا ينفعه عند الله عز وجل، لأن الواجب على المرء أن يلتمس رضا الله عز وجل ولو سخط الناس.
وأن غالب أئمة الكفر كانوا يعرفون الحق لكنهم عاندوا فخالفوا الحق كما قال تعالى: ((الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ))، وقال: ((اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً)) فكانوا يعتذرون بأعذار لا تنفعهم كخوف بعضهم من فوات رئاسة وتصدر المجالس ونحو ذلك.
ومعرفة الحق دون العمل به أشد من الجهل بالحق، لأن الجاهل بالحق يعذر، وقد يعلم فيتنبه ويتعلم بخلاف المعاند المستكبر، ولهذا كان اليهود مغضوباً عليهم لعلمهم بالحق وتركهم إياه، وكان النصارى ضالين لأنهم لم يعرفوا الحق، لكن بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم كان النصارى عالمين فكانوا مثل اليهود في كونهم مغضوباً عليهم.
وإن العمل بالتوحيد عملاً ظاهراً دون فهمه، أو اعتقاده بالقلب فهذا هو النفاق، وهو أشر من الكفر الخالص لقوله تعالى: ((الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ)) [سورة النساء:145].
والله اعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مختصر ضلالات الطريقة السنوسية




ان شاء الله وبه مستعينا أنقل للاخ المسلم و الاخت المسلمة بعض الضلالات السنوسية من كتب الطريقة السنوسية. وهدفي الان ليس التعليق عدا العارض وربما يتم في المستقبل نقض هذه الضلالات بالادلة من الكتاب و السنة ان شاء الله حتى يتجنبها من لا يعرف انحرافات الطرق الصوفية و من ليس متخصصا في دراسة التصوف.
و هدفي تبيين ضلالات هذه الطريقة البدعية حتى يجتنبها المسلم سليم الفطرة والموحد. وذلك بعد تعمد الكذب المبيت على اشاعة أن هذه الطريقة هي طريقة سنية مبنية على الكتاب و السنة وليس فيها الخرافات الموجودة في الطرق الاخرى وذلك من أحد المحسوبين على أهل العلم و الديانة.
وقد اعددت هذا المقال على عجل في نصف ليلة عالما بعدم مناسبته للنشر. ولكن لأهميته آثرت نشره بعيوبه.

نقطة مهمة: سأتعرض فقط للبدع و الضلالات في عقائد الطريقة فقط لا غير
نقطة مهمة: كل النقولات هي من سلسلة مقالات بعنوان:

الدرر البهـية في بيان ضلال عـقائد الفرقة السنوسية


الاسم الاعظم
ومن الأسرار التي يتداولونها فيما بينهم عند كل شدة أن يقرأ أحدهم سورة يس عشر مرات بعد الفجر قبل صلاة الصبح ثم يقول اللهم إني أسألك يا الله يا من هو أحون قاف أدم حم هاء أمين سبعين مرة أن تفعل لي كذا فإنه يكون بإذن الله تعالى وكان الشيخ أبو الحسن الشاذلي يقول إن ذلك هو الإسم الأعظم".
( السلسبيل المعين في الطرائق الأربعين ) لمؤسس الطريقة السنوسية ( محمد بن على السنوسي ) صفحة 55


مراتب اليقين

يقول ابن السنوسي في خاتمة كتاب ايقاظ الوسنان (ص
128،129،130 ) : 
"الخاتمة في سنن أهل الله وسبيل عملهم إلى الله وهم كما علم ثلاثة أقسام على حسب مراتب اليقين الثلاث
(الأول) أهل علم اليقين المجدين في النسك والعبادة فاقدي الفتح وهؤلاء حسبهم لزوم أمر الشيخ ودأبه فيلزمه أحدهم ملتزما ادابه في جميع شؤونه معظما له مفنيا في مراده كالميت في يد غاسله يقلبه كيف شاء بلا إرادة منه حاذرا أشد الحذر من إقامة الميزان عليه بإنكار ما يراه صريحا من مخالفة النهج وليستعن على ذلك بإستحضار حال موسى والخضر عليهما السلام فإن الإنكار هو الكسر بدون انجبار، وكل ما تعاصي من مراتب الوصول سببه اعتراض الفكر على الشيخ معمرا أوقاته بالذكر قلبا ولسانا على دأبهم المعروف حتى يغيب الذاكر في المذكور، ويمحق النظر في المنظور، فيشهده بفعله ووصفه، إلى فناء اوصافه، وتجلى ذاته التي جلت عن كل وهم وشبه وحينئذ قد اكتسى حلة من مضى، يعامل كلا بما اقتضى.
ثم ذكر القسم الثاني….
(والثالث) الراسخون من ذوي التمكين الراقين ذروة سنام (حق اليقين) فهؤلاء كفاهم عن طلب الأحكام ما أتاهم من ربهم من العلوم الدافقة على سرائرهم المطابقة لعين ما شرعه على لسان رسوله تنزلا لا نزلا يقتضي شرعا أو نبوة فكان بعضهم يقول حدثني قلبي عن ربي وبعضهم يسأل عن الشيء فيقول حتى أسأل عنه جبريل وبكونه تنزلا لا نزولا يقتضي شرعا أو نبوة يزول استشكال بعض أهل الظاهر ذلك وجوابه عنه بأن المراد بجبريل صاحب فعله المسئول من الملائكة لا صاحب الناموس فحكمهم بما كشفوا،وعلمهم ما من بحر المواهب اغترفوا ، فطريقهم عن التقليد شاسعة، ومناهج يقينهم واسعة، إلا لستر حال، أو تورية في جواب سؤال، وكيف يقلد من امتطى من اليقين ذراه، من الظن الذي لا يغني من الحق شيئا قصاراه، وما أحسن ما قيل في هذا المعنى المثيل:
ومن يسمع الأخبار من غير واسط … حرام عليه سمعها بالوسائط



وقال ( ص130 )  :
"ومنهم المستفتي قلبه ومنهم من يمد بالملك في سره المنير كحال أبي يزيد والسيد محمد بن موسى ومنهم المشاهد الرسول المستمد منه كل سؤل وذلك حال الشاذلي والزولي وأبي السعود والمتبولي والمرسي والسيوطي والقناوي وابي مدين والشعراني والشيخ محي الدين ونحوهم فكم أثرت عنهم في ذلك أحوال. وتواترت أقوال، وعدهم بعضهم كالشيخ محي الدين(3) من الصحابة".

رجال الغيب


يقول السنوسي الكبير في كتابه السلسبيل المعين في الطرائق الأربعين (ص104) متحدثا عمن سماهم رجال الغيب بعد أن ذكر منازلهم وبين بالرسم كيفية الوصول لمعرفة أماكنهم (3):
"فإدا أردت حاجة أو قصدت سفرا فاعرف مكانهم بما مر وصل ركعتين لله تعالى واقرأ فيهما بعد الفاتحة سورة الإخلاص وبعدها في الأولى الفلق وفي الثانية الناس مرة مرة فإدا سلمت فتوجه إليهم واخط إلى جهتهم سبع خطوات أو ثلاثة ثم اقعد على ركبتيك مفترشا أو متوركا مطرقا متأدبا معهم موقنا بسماعهم لندائك راجيا إجابتهم لدعائك وقل السلام عليكم يا رجال الغيب أيها الأرواح المقدسة أغيثوني بنظرة وأعينوني بقوة يا أقطاب يا أئمة يا أوتاد يا أبدال يا أنجاد يا نقبا أغيثوني يا عباد الله أعينوني بحرمة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه وأهل بيته وتابعيه أجمعين ثم توجه إلى مقصودك غير شاك في وصولك إلى مطلوبك

ثم إن كان الأمر الذي توجهت إليهم في قضائه يستدعي الجلب أي جلب المنافع إليك كالرزق ورفع الحجاب عن القلب فتتوجه بوجهك إليهم بعد إتمام التوسل بهم والسلام عليهم

وإن كان الأمر يقتضي الدفع كالنصرة على الأعداء في الخروج إلى الحرب أو تسخير الملوك والقضاة وغيرهم ممن إليه حاجة من دفع خصومة أو رفع مظلمة أو زوال فاقة بما عندهم فلتكن في حال خروجك من دارك ودخولك عليهم ووقوفك بين أيديهم مستديرا لجهة رجال الغيب بنية المدافعة بهم والإستناد إليهم والتعويل في كفاية المهمات ودفع الملمات عليهم ويكون وجه المدفوع من الأعداء ومن يراد الدفاع به من الملوك والقضاة وذوي الرياسات إلى ناحية رجال الغيب حتى يظفر بمراده وإلا انعكست النتيجة

وينبغي أن لا يشك في كلام الأولياء حي يصل العامل بقولهم إلي مقصوده فإذا أراد السلطان أو غيره من الجند مباشرة الحرب فينبغي أن لا يفعل ذلك إلا في يوم يتفق فيه مواجهة أعدائه الذين يريد قتالهم لجهة رجال الغيب بحيث يكونون في ظهر العامل الذي هو السلطان والجند فإذا كان ظهر العدو إلى جهة رجال الغيب فليترك ملاقاتهم للقتال وإن اضطر إلى ذلك في هذا الوقت فليتوارى عنهم وليأتهم من خلفهم حتي يكون رجال الغيب خلفه وفي وجودهم فإذا حصل له ذلك ظفر لا محالة وإلا فالظفر لهم

وكذلك من أراد الصيد أو الدخول على أحد من الأعيان لحاجة أو الحاكم أو القاضي بفصل خصومة ينبغي له أن يفعل ما ذكرناه من جعل رجال الغيب خلف ظهره في حال خروجه من بيته وفي حال دخوله على من يريد فوجهه إلى الجهة المقابلة لوجودهم رضي الله عنهم فإنه يكون حينئد وجيها ببركتهم مقضي الحاجة منصورا على الأعداء والخصوم

وان اتفق ان اظهر الحاكم أو القاضي أو من إليه حاجة نحو رجال الغيب حال خروجه ح فينبغي له أن يجعل ظهره نحو رجال الغيب حال خروجه منها أيضا ويقرأ الدعاء ويستمد منهم في هذه الأحوال كلها فإنه يرجع مكرما مسرورا منصورا على خصمه وهذا يفعل في جميع الأمور فإنه تنتج مقاصده بإذن الله

وقد ذكر سيدنا الغوث في جواهره قواعد تتعلق بعلم الدعوة لسرعة الاجابة لا حاجة لنا هنا بذكرها والله الموفق.


المقعدة و الذكر و الخصيتين واستحضارات شيطانية


يقول ابن السنوسي (1) في كتابه السلسبيل المعين في الطرائق الأربعين (ص86،87):
( فإذا أراد السالك أن يخرج من الوهم ويشاهد عالم الغيب فينبغي له أن يستحضر الكلمات السبعة التي ينسب إليها التوهم والتفكر ففي حالة الوهم يظهر أثر خواص ذلك الفكر:
فالأول أن يبدأ بالتفكر من المقعدة ويجمع فكره فيها ويقول في حالة لتفكر هذه الكلمة هو أم ومعناه الجواد وسواد زحل وخاصيتها مشاهدة أحكام نفسه
الثاني أن يتفكر في ذكره وبين خصيته ويقول في قلبه حالة التفكير هذه و معناه القدير وحمرة المريخ وخاصيتها حصول الصدق لما يخطر في القلب من الخواطر وحينئذ جميع ما يخطر في قلبه من صلاح أو فساد يكون كذلك
الثالث وسط السرة ويقول في قلبه حالة التفكير رهين ومعناه العيم وغبرة المشتري وخاصيتها حصول العلم اللدني وطي الأرض وفي هدا التفكر يحصل له طي الارض والعلم اللدني
الرابع التفكر تحت الثدي الأيسر ويقول بقلبه نسرين ومعناه الحي وصفرة الشمس وخاصيتها حصول الكشف حتى يكون الغيب لديه كالشهادة وصاحب التفكر يكون عالم الغيب عنده كالشهادة معاينة ويحصل له الإطلاع على خواطر الناس
الخامس أن يتفكر في موضع الحلقوم ويقول بقلبه ائي ومعناه المريد وبياض الزهرة وخاصيته التسخير فيطيعه العلوية والسفلية وتنقاد إليه وصاحب هذا التفكر يطيعه جميع العوالم العلوية والسفلية وتنقاد إليه
السادس أن يتفكر بين عينيه اي في جبهته ويقول بقلبه برمم ومعناه المقسط وزرقه عطارد وصاحب هذا الذكر تنفتح له حقائق الأشياء من غير أن يتعلم من احد
السابع أن يتفكر في المحل الذي هو فوق الدماغ أي يتصور فكره هناك ويقول بقبله هنساء ومعناه الكليم وخضرة القمر وخاصيته حصول الكشف عن حقائق الأشياء بمحض الوهب الإلهي من غير كسب وصاحب هدا التفكر تحصل له الحياة التامة كالخضر وهذا التفكر أعظم أنواع التفكرات الذي يحصل للطالبين فيه جميع مقاصدهم وفي هذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين. )

أطوار الكشف
ويقول ابن السنوسي أيضا (ص88) :
"كما أن الكاتب يحرك القلم وأن يشتغل بنقش الكلمة الطيبة كما ذكر أربعة وعشرين مرة في نفس واحد أو في أنفاس حتى يتمرن على ذلك ثم يشتغل بذكر الأمهات حتى يكشف له عن عالم الناسوت ثم بذكر النبات حتى يكشف له الملكوت ثم بذكر الملفوفات حتى ينكشف له الجبروت ثم بذكر الاخوات حتى ينكشف له اللاهوت وهذه الاذكار مبينة في الجواهر وفي بعض مؤلفات الشيخ تاج الدين قال وفي هذا الطريق سلامة من كشف التجليات النورية والصورية وقد وصلت هذه الطريقة الى شيخنا من الشيخ المحقق الكامل المعمر سيدي عبد الحليم النجراتي.." ثم ذكر سنده المظلم.


المراحل الشيطانية الى الاتحاد
يقول ابن السنوسي في سلسبيله (ص65،66) :
"وأما الكشف فإنه يحصل بالسلوك وذلك لأن السالك إذا كان في العكفة يكشف له
( أولا ) عن نور الوضوء والصلاة ونور الشيطان والجان ثم يرى الحق في التجلي الصوري بصورة الجماد ثم بصورة المرجان ثم بصورة النبات والأشجار ثم بصورة النخلة ثم بصورة الحيوان ثم بصورة الفرس ثم بصورة نفسه أو شيخه وفي هذا التجلي هلك خلق كثير
ثم يكشف للسالك عن تجلي الأنوار وهو أعظم الحجب وذلك لأن السبعين الألف النور مفرقة في لطائف الإنسان
فيري عشرة الالف منها مستكنة في اللطيفة القابلية ولونها كدر مطبق بعضه على بعض ويشاهد في هذه اللطيفة الجن والعبور عنها سهل لان جبلة الانسان تهرب من الظلمة وتانس بالنور
ثم يرى بعد صفاء القلب عشرة الاف نور منها مستكنة في اللطيفة النفسية ولون أزرق ان أفيض عليه الخير نبت منه الخير وأن أفيض عليه الشر منه الشر باعتبار صفاء القلب وكدره ويشاهد في هذه اللطيفة جهنم وغيرها
ثم يرى عشرة الاف نور منها مودعة في اللطيفة القلبية ولونها أحمر مثل لون النار الصافية إن كان طعامه خالصا من شوائب الشهوة والحرص وإلا فيرى فيه دخان ويصير لونه متكدرا ويحصل له الوقوف عن السير وفي هذه اللطيفة يشاهد وغيرها وللقلب أيضا سبع لطائف ينكشف لبعض السالكين
ثم يرى عشرة الاف نور منها أي من السبعين الالف النور مودعة في اللطيفة الروحية ولونها في غاية الإصرار وفي هذه اللطيفة يشاهد أرواح الأنبياء والأولياء
ثم يرى عشرة الاف نور منها في اللطيفة الملائكة
ثم يرى السالك عشرة الاف نور منها في اللطيفة الخفية ولونها كلون المراة المصقولة وفي هذا المقام يتصل السالك بلطيفة السالك بلطيفة الانانية الخضرية التي هي منبع الحياة ويشاهد نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم
ثم يرى عشرة الاف نور مختفية في اللطيفة الخفية ولونها أخضر ثم يبصر نورا كلون العقيق ثم نورا أبيض لا لون له ثم يبصر نورا بلا لون ولا شكل ولا حين ولا جهة بل محيطا بجميع العوالم فحينئذ تشرق عليه أنوار تجلي الصفات ويتحقق بما في حديث كنت سمعه الخ وقوله في يسمع وبي يبصر الخ ثم يكاشف بالنور المتهلك المستهلك فيه والظاهر به جميع الأنوار
فلم يبق إلا الحق لم يبق كاين                   فما ثم موجود وما ثم بائن".


وحدة الوجود
يقول ابن السنوسي في سلسبيله في دعاء طويل (ص25) :
اللهم الحقني بنسبه – أي النبي صلى الله عليه وسلم- وحققني بحسبه وعرفني إياه معرفة أسلم بها من موارد الجهل وأكرع من بها موارد الجهل وأكرع من بها موارد الفضل واحملني على سبيله إالى حضرتك حملا محفوفا بنصرتك واقذف بي على الباطل فادمغه وزج بي في بحار الأحدية وانشلى من أوحال التوحيد واغرقني في عين بحر الوحدة حتى لا أرى ولا أسمع ولا أجد ولا أحس إلا بها واجعل الحجاب الأعظم حياة روحي…إلخ.

الاستعاذة بالله أم الاستعاذة بالمخلوق
ويقول السنوسي الكبير في كتابه السلسبيل المعين في الطرائق الأربعين (ص101) :
"فإن من المعلوم أن طريق الحق لعزتها محفوفة بالافات والقواطع والأوامر المهلكة من كل جانب وأن الشيخ من الذين إدا رأوا ذكر الله وأن الذكر كما ورد حصن حصين وحجاب مانع بإذن الله وللوسائل حكم المقاصد فتنتج هذه المقدمات أن استحضار صورة الشيخ درع دافع لأسباب غواية الشيطان وسبب جامع للانتظام في سلك شريف إن عبادى ليس لك عليهم سلطان".
ويقول أيضا (ص31) :
"ويستأنس بجواز ما يفعله الصادقون منهم في إحضار الأرواح المقدسه بحديث علي عند ابن السني إذا كنت بواد تخاف فيه السباع فقل أعوذ بدانيال من شر السباع الأثر
وفيه مستند أيضا لمن طريقه الرابطة بالشيخ بمعنى إحضار صورة الشيخ في الخيال ليكون عوذة له من افتراس سباع أودية المهالك إياه..".

تعليق:

وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً [الجن : 6]

تفسير الاية من التفسير الميسر:
وأنه كان رجال من الإنس يستجيرون برجال من الجن, فزاد رجالُ الجنِّ الإنسَ باستعاذتهم بهم خوفًا وإرهابًا ورعبًا. وهذه الاستعاذة بغير الله, التي نعاها الله على أهل الجاهلية, من الشرك الأكبر، الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة النصوح منه. وفي الآية تحذير شديد من اللجوء إلى السحرة والمشعوذين وأشباههم.
اما بالنسبة للأثر: هذا آثر عن علي رضي الله عنه و هو منكر متنا و إسناده ضعيف جدا



الاتصال الروحي و ترك الاعتراض على الله - و- الشيخ
ويقول أيضا في نفس الكتاب (ص36) : بعد أن ذكر أمورا كثيرا:
"والسابع دوام ربط القلب بالشيخ، والثامن ترك الأعتراض على الله تعالى وعلى الشيخ..".

تعليق:
يذكرني عطف لفظ الجلالة على الشيخ بحرف الواو بجعل الشيخ ندا لله تعالى في ترك الاعتراض وذلك بالحديث التالي:أن يهوديا أتى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فقال : إنكم تنددون وإنكم تشركون تقولون ما شاء الله وشئت, وتقولون والكعبة . فأمرهم النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : إذا أرادوا أن يحلفوا, أن يقولوا ورب الكعبة, ويقولون ما شاء الله ثم شئت .
الراوي: قتيلة امرأة من جهينة المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 1658 خلاصة الدرجة: صحيح

فالمريد عند شيخه كالميت في يد غاسله يقلبه كيف شاء بلا إرادة منه … كما ذكر ذلك السنوسي

الصوفية


نشأة الصوفية


لم يعرف اسم (الصوفية) في زمن الرسول ولا صحابته ولا التابعين، ثم جاء جماعة من الزهاد لبسوا الصوف، فأطلقوا هذا الإسم عليهم، وقيل مأخوذة من كلمة (صوفيا) ومعناها (الحكمة) وهي يونانية، وقيل مأخوذة من (الصفاء) كما يدعي بعضهم (وهذا باطل) لأنّ النسبة إلى الصفاء (صفائي) وليست (صوفي)؟


طُرق الصوفية


التيجانية (وهي أخطرها)، القادرية، النقشبندية، الشاذلية، الرفاعية وغيرها... وقد انقرض بعض هذه (الطرق)، ويوجد الآن طرق ليست مشهورة، وعدد المنتسبين إليها ضعيف جداً بحيث لا يمكن أن تنتشر بسرعة (وهذا لا يعني أنّها ليست خطيرة؟).


الدعاء عند الصوفية


الصوفيون يدعون غير الله ـ سبحانه ـ من الأنبياء والأولياء الأحياء والأموات، فكثيراً ما يرددون (يا رسول الله المدد المدد... ويا رسول الله عليك المعتمد؟) وبعضهم ينادي الأموات (يا جيلاني..يا رفاعي... يا شاذلي) وهذه المناداة "شرك صريح" فهم يقولون: (يا فلان... ارزقني... انصرني... اشفني!؟) والله ـ سبحانه ـ ينهى عن دعاء غيره، ويعتبره شركاً إذ يقول عز وجل: {وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ الظَّالِمِينَ} [يونس: 106] والظالمين: هم المشركون. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «الدعاء هو العبادة» [رواه الترمذي].


فالدعاء: عبادة كالصلاة لا يجوز لغير الله ولو كان رسولاً أو ولياً وهو من الشرك الأكبر الذي يُحبط العمل ويُخلد صاحبه في النار ـ والعياذ بالله ـ {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [النساء:48].


عبادة الله... هل تُصدق أن (الصوفيون) يقولون: (نحن لا نعبد الله طمعاً في جنته ولا خوفاً من ناره؟) والله ـ عز وجل ـ يمدح الأنبياء الذين يدعونه طلباً لجنته وخوفاً من عذابه، فيقول سبحانه: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء:90] أي: راغبين في جنته، خائفين من عذابه.


الذكر عند أهل التصوف


يُبيح الصوفيون (الرقص ورفع الصوت بالذكر والزمر والطرب) والله تعالى يقول: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [الأنفال:3].


ورفع الصوت في الذكر والدعاء منهي عنه، لقول الله تعالى: {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف:55] وذكرهم غريب!.. ومُضحك في كثير من الأحيان، فمثلاً يبدءون بذكر الله بلفظ (الله... الله... الله) حتى يصلون إلى التلفظ بكلمة (آه.. آه.. آه) ولقد نسوا قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «أفضل الذكر لا إله إلاّ الله» [رواه الترمذي].


وكذلك يبتدعون ذكراً يصلون به على الرسول صلى الله عليه وسلم فيه من الشرك والإلحاد ما الله به عليم، مثل قولهم: (الله صل على محمد حتى تجعل منه الأحدية والقيومية). ونحن نعلم أنّ الأحدية والقيومية من صفات الله وأسمائه.


أقوال (شيوخ) الصوفية؟


1)- يعتقد (ابن عربي) وهو من كبار المتصوفة أنّ الله هو المخلوق وأنّ المخلوق هو الله؟! ويُعبر عن ذلك بقول: (فيحمدني وأحمده ويعبدني وأعبده).


2)- يشترط (الجُنيد) للمبتدئ ألاّ يشغل قلبه بثلاثة أمور هي: التكسب... وطلب الحديث... والتزوج؟


وكذلك لا يريده أن يقرأ أو يكتب... والسبب كما يزعم: أنّه أجمع لهمه؟! ولكن السبب الحقيقي. ليسهل الضحك عليك.


3)- يقول (أبو يزيد البسطامي) عن نفسه: (سبحاني سبحاني ما أعظم شأني؟!). والآخر يقول: (ليس في الجُبة إلاّ الله). مُخاطباً نفسه إذا لبس الجُبة؟


أولياء الشيطان: ما يظهر على بعض المبتدعين من (ضرب بالسيف لأنفسهم أو أكل النار) فهذا العمل (من الشيطان) وهو استدراج لهم ليسيروا في ضلالهم. قال تعالى: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف:36]. والمعلوم أن (كُفار الهند) من السيخ والهندوس يفعلون مثل هذا وأكثر، فهل نَقول عنهم أنهم (أولياء لهم كرامات!) أين أهل العقل؟


رؤية الله ورسوله: يدعي هؤلاء (الحمقى) أنّه يُمكن رؤية الله ـ عز وجل ـ في الدنيا؟


قال الله على لسان موسى: {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي} [الأعراف:143].


وجاء في الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنّكم لن ترون الله حتى تموتوا» فكيف يدعي هؤلاء (الجهلة) رؤية الله في الدنيا، ولكن..


لقد أسمعت لو ناديت حياً *** ولكن لا حياة لمن تنادي


وكذلك يزعمون أنّه يُمكن رؤية (الرسول الكريم ) في اليقظة وليس في المنام!!


ولم يُنقل أنّ أحد الصحابة (من خير القرون) قد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم (يقظة) بعد موته.


فهل هم أفضل من الصحابة؟


كلمة عظيمة:


قال الإمام الشافعي رحمه الله: "لو أنّ رجلاً تصوف أول النهار لا يأتي الظهر حتى يكون أحمق".


إدعاءات...


1)- يقول (ابن عربي) عن كتابه الفتوحات المكية بأنّه توقيفي؟!.


2)- يدعي (الحلاج) بأنّه ينزل عليه رسائل كثيرة بخط.. الله عز وجل!!


3)- يدعي (محمد المرغني) أنّ من رآه ومن رأى من رآه إلى... خمسة... لم تمسه النّار؟!!


4)- يقول (أحمد التيجاني) إنّ الله قادر على أن يوجد بعدي وليّ ولكن لا يفعل؟ قالوا: لماذا؟ قال: كما أنه قادر على أن يوجد نبي بعد محمد ولكنه لا يفعل!!؟.


غير معقول:


1)- يترحمون على إبليس عليه لعنة الله؟


2)- فرعون أعلم من موسى (عليه السلام) كما يزعمون؟


3)- يُبرءون قوم نوح من الشرك؟


4)- يُلقون السلام على الكلاب والخنازير؟


هل من يقوم بهذه الأعمال في رأسه ذرة من عقل؟ بالطبع... لا.


دليل خطورة الصوفية:


إنّ (السرية والكتمان) الذي تُصر عليهما هذه الجماعة أكبر دليل على (خطورة وخطأ مسلكهم)، فلو كانوا على (الحق) لما أخفوا اجتماعاتهم وأسمائهم ودروسهم؟


وقفة... مع صوفي؟ إنّ الحقيقة التي تخفى عليك وعلى كثير من (المُريدين) أنّ هؤلاء (المشايخ المزعومين؟) قد ضلوا وأضلوا من بعدهم خلقاً لا يعملهم إلاّ الله وحده.


فبالله عليك كيف تنتمي لجماعة يدعي أشهر رجالها... أنّه يوحى إليه (والوحي خاص بالأنبياء)، وآخر (يُمجد نفسه) فيقول: (سبحاني سبحاني ما أعظم شأني؟) وآخر يقول: (إنّ الله يكتب له رسائل بخط يده "خاصة به"؟).


هل يُعقل أنّ شخصاً يرمي بنفسه إلى الهلاك... وإلى نار جهنم!! ويتّبع هؤلاء المجانين؟


واعلم أنّ هؤلاء الدجالين.. يطلبون منك من (المُريدين) ألاّ تقرءوا أو تناقشوا أو تتساءلوا؟ ومن هذا المنطلق استطاعوا أن يسيطروا عليكم ويقودوكم إلى الضياع والضلال...


سؤال: لو أنّي طلبت من شخص أن يُطيعني ولا يسألني ولا يُناقشني فيما أعمل، فماذا تتوقع أن تكون حاله؟


الجواب:... سيكون ـ بالطبع ـ كالدمية في يدي، وسأقلَّبه كيف أشاء، وإن كان في الأمر... هلاكه وموته!؟ (واقع الصوفية).


الصوفية والقبور


يشُد المُتصوفة الرحال إلى القبور (للتبرك بأهلها أو الطواف حولها أو الذبح عندها) مخالفين بذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» [متفق عليه].


ولك أن تتصور ما يقع عند القبور من الشرك والإلتجاء لأهلها أو دعاء من بداخلها؟


الصوفية والاحتفالات


يُقام في كل عام احتفالات تسمى (الموالد)، فكل جماعة تقيم (مولد) خاص بها وبشيخها؟ فمثلاً (للبدوي) مولد خاص يزوره في العام ما يقارب (المليونين) من... (المسلمين!؟) وهذا والله أمر حقيقي ومن أراد التأكد فليسأل، وسيجد من العجب والأمور التي لا يمكن تصديقها... فقد رفع هؤلاء المتصوفة (شيوخهم المزعومين!) إلى درجة يشاركون بها الله.. أحياناً... في تصرفه في الكون؟ وهناك (مولد) يقام باسم (مجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم). وفيه أشعار تُلقى فيها من الشرك والبدع ما الله به عليم، ومن هذه الأشعار:

المدد يا عريض الجاه المدد *** ويا مُفيض النور على الوجود المدد

يا رسول الله فرج كربنا *** ما رآك الكربُ إلاّ وشرد


ومن المُسلّم به: أن (مُفيض النور على الوجود ومُفرج الكروب) هو الله وحده.


عقيدتهم في إبليس؟ لقد لعن الله إبليس وطرده من رحمته وغضب عليه إلى يوم القيامة، ولكن يأتي هؤلاء المتصوفة ويمدحون إبليس ويُمجدونه؟ والسبب عندهم: (أنّه أكمل العباد وأفضل الخلق توحيداً) لأنّه لم يسجد لمخلوق مثله عندما أمره الله بالسجود لآدم، ولم يسجد إلاّ لله؟


ونسأل الله أن يحشرهم معه (إن لم يتوبوا) ويتركوا خرافاتهم ومعتقداتهم الباطلة.


كُتُبهم


للصوفية كُتب مشهورة، ألفت من قبل (ساداتها) قديماً وحديثاً، ومنها على سبيل المثال:


1)- (الفتوحات المكية) لابن عربي: ويحوي من الكفر والشرك والإلحاد ما الله به عليم؟


2)- (قوت القلوب) للجوني.


3)- (الطواسين) للحلاج.


وهذه الكتب كافية بأن تكون سبباً في الخلود في النّار لمن قرأها وعمل بما فيها...؟


خاتمة:


وأخيراً... ما رأيك في أقوالهم واعتقاداتهم (بعدما قرأته)، هل هذه (الطُرُق) جديرة بالاتباع أم بالفضح والتشهير؟


لنتخيل حال المجتمع لو تركت هذه (الجماعات) بدون رادع أو رقيب. فهذه (الطُرُق) لها أذكار وعبادات... مبتدعة تُمثل بداية الانعزال عن المجتمع، ولو فتح المجال لهم لقاموا بنشر (أفكار وعقائد هدامة مناقضة للتوحيد).


فخلاصة القول... متى ستُفيقون أيّها المتصوفة، ولابد أن تعلموا أنّ هذا الطريق هو طريق الضلال والباطل ولاتجنون من عملكم هذا إلاّ الخسران في الدنيا والآخرة.


فتوبوا إلى الله وارجعوا قبل أن تقول نفس {رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون:99-100].


فما عليك أخي إلاّ الصدق مع الله وستجد العون والتوفيق من الواحد الأحد.


وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.